قال :ثم رأيت نساء معلقات بثديهن ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم .([3])
ومن المرائي في هذه الرحلة أيضاً ما رواه الإمام الذهبي بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم, قال : " مررت ليلة أسري بي برائحة طيبة , فقلت : ما هذه الرائحة يا جبريل ؟ قال : هذه ماشطة بنت فرعون , كانت تمشطها فوقع المشط من يدها , فقالت : بسم الله . فقالت بنت فرعون : أبي . قالت : ربي وربك ورب أبيك . قالت : أقول له . قالت : قولي له . فقال لها : أولك رب غيري ؟ قالت : ربي وربك الذي في السماء . فأحمى لها بقرة نحاس , فقالت : إن لي إليك حاجة . قال : وما حاجتك ؟ قالت : أن تجمع عظامي وعظام ولدي . قال : ذلك لك علينا لما لك علينا من الحق . فألقى ولدها في البقرة واحدا فواحدا , وكان آخرهم الصبي , فقال لها : يا أمة اصبري فإنك على الحق " . قال ابن عباس : أربعة تكلموا وهم صبيان , ابن ماشطة بنت فرعون , وصبي جريج, وعيسى ابن مريم , والرابع لا أحفظه .([4]) .
وأعتقد أن الرابع هو شاهد يوسف عليه السلام ، والبعض زاد في هذا العدد فذكر أيضاً طفل الأخدود وابن المرأة التي تمنت أن يكون ابنها مثل رجل في ظاهره حسن وباطنه غير ذلك فنطق وقال لا يا أماه .
وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً من المرائي التي لا يتسع المقام لذكرها ولكني ذكرت منها نماذج فقط .
وعاد الرسول صلى الله عليه وسلم من رحلته وأخبر قومه فكذبوه وكان أول من صدقه هو سيدنا أبو بكر رضي الله عنه فعندما أخبر بذلك قال قولته المشهورة إن كان قال فقد صدق فإنا نصدقه في أكثر من هذا نصدقه في الخبر يأتيه من السماء أفلا نصدقه في هذا الأمر ومن يومها أطلق عله الصديق رضي الله عنه .
ولكن القوم أنكروا هذا الأمر وطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصف لهم بيت المقدس فوصفه لهم وصفاً دقيقاً وايضاً أخبرهم بعير([5])لهم في طريق الشام وعن مكانها وأن جملاً قد ضل منهم فأخبرهم بمكانه وأخبرهم بقافلة أخرى وكان معهم ماء مغطى فشرب الماء وأعاد الغطاء ، ولكن القوم أنكروا كل ذلك حتى إن المطعم بن عدي الذي أجار الرسول صلى الله عليه وسلم بعد عودته من الطائف رفع جواره عن الرسول صلى الله عليه وسلم بسبب تكذيب قريش واستبعادهم حدوث هذا الأمر واستبعاده له أيضاً بما جعله يرفع جواره عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
ويصور هذا المعنى المغفور له الشيخ / محمود أبو هاشم فيقول:
وعذراً لعين الكفر إن بها قذى فتنظر للإحسان تحسبه ضراً
وكل مريض إن فتحت فما له وأطعمتــــه شهدا تذوقه مراً([6])
[1]) مشافر أي شفاة
[2]) الأفهار أي الأحجار الصغيرة
[3]) سيرة بن هشام 2/155
[4]) السيرة النبوية للذهبي ص177
[5]) جمال وكانت قافلة للتجارة إلى الشام
[6]) ديوان الهاشميات ص9